التوثيق وضرورة احترام القانون.. ذ/زايد المسلمين بن ماء العينين

التوثيق وضرورة احترام القانون

القانون هو التعبير الاعلي عن ارادة الشعب
ويجب ان يخضع له الجميع
المادة 4 من الدستور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد صدر التعديل الجديد للمدونة التجارية في مجمله وعلي الخصوص المادة 116 مكررة تثمينا من السلطة السياسية لهذ البلد لدور المحامي ورفعا من شانه المادي والمعنوي ليقوم بدوره علي اكمل وجه في تاسيس قواعد العدل والانصاف وركائز مجتمع عصري ومدني ، وهي من جملة المطالب التي قدمها المحامون لرئيس الجمهورية واستجاب لها مشكورا .
ان المادة 116 مكررة اوجبت في نصها الزامية تولي محام تحرير كل العقود الواجبة التوثيق ورتب علي عدم تولي المحامي تحرير ها البطلان ، تقول المادة : 116 (مكررة): (تحت طائلة البطلان،تحرر كافة العقودالمتعلقة بالأصل التجاري، وكذا رفع اليد بخصوص الرهن الحيازي والعقود التي يفرض القانون إبرامها بواسطة عقد موثق، من طرف محام ممارس، باستثناء تلك المبرمة من طرف الدولة والمجموعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.)
ان النص الجديد لم يات ترفا قونونيا وليس بدعة في التشريع ، فهو ضرورة قانونية وقانون الموثقين انما اسند اليهم تلقي تصرفات الاطراف ، وأوكل للا طراف عملية التحرير فلعبت به ايديهم واجتهاداتهم في التحرير الخاطئة فتم توثيق عقود باطلة لا تراعي الشروط اللازمة للبيع او الرهن ولا غيره من العقود من الوصية لوارث ، الي تنفيذ هبة مريض مرض الموت و هبة واهب دون ثبوت حيازة وابرمت عقود مخالفة لنصوص قانونية وقواعد في القانون ءامرة ، وغلب علي عقود التوثيق الغموض وطابع السرعة في الانجاز والتجارية في التعامل الا ما قل وندر ، فالعقود يجب ان تتسم بالوضوح والتميز في الالتزامات الواقعة علي اطرافها ، لتكون حكما بين الاطراف في حال وقوع خلاف بينهم والاهلية شرط لكل عقد في الغالب و التاكد من تمتع اي متعاقد بقواه العقلية وعدم الحجر عليه من وصي او قاض واجب يلزم فعله .
ثانيا: ان مضمون المادة 116 ليس بدعا ولا هو خاص ببلد عن بلد فهذا القانون المصري في المادة 59 من القانون المصري ينص ( علي انه لايجوز تسجيل العقود التي تبلغ قيمتها خمسة ءالاف جنيه فاكثر او التصديق عليها او التاشير عليها باي اجراء امام مكاتب الشهر (العقاري) والتوثيق او امام الهيئة العامة للاستثمار وغيرها الااذا كان موقعا عليها من احد المحامين المقبولين للمرافعة امام المحاكم الابتدائية علي الاقل ) وتنص المادة 60 علي وجوب ان يكون لكل شركة تريد التسجيل بالسجل التجاري مستشار قانوني من المقبولين امام المحاكم , ونص القانون السوري في المادة 159 علي انه (لايجوز تسجيل عقود الشركات تحت طائلة المسؤولية القانونية السابقة واللاحقة الا اذا كانت منظمة من قبل محام )، وقريب من ذلك مافي القانون العراقي وتقول المادة 32 من قانون المحامات المغربي انه ( للمحامي وحده صلاحية تحرير عقد عرفي قابل للتقييد بالسجل التجاري او المحافظة العقارية ) .
ولقد نصت المادة 116 مكررة علي ان العقود التي يفرض القانون توثيقها يجب ان تحرر من طرف محام والا كانت باطلة ، والعقود التي يفرض القانون توثيقها هي العقود التي نص عليها المرسوم رقم 130 لسنة 1999 المحدد للا ئحة التصرفات الواجب توثيقها وهو المرسوم المطبق للمادة الاولي من قانون الموثقين رقم 019/1997 ، وقد حصر المرسوم تلك التصرفات في المادة الاولي منه بقوله : (تطبيقا لاحكام المادة الاولي من القانون رقم 019ـ الصادر بتاريخ 16 يوليو 1997 المتضمن النظام الاساسي للموثقين ، يختص الموثقون وحدهم بتلقي التصرفات التي يريد الاطراف او يلزمهم اعطاءها الطابع الرسمي ، و لهذه التصرفات نفس قوة قوانين الدولة ويعتد بها امام القضاء ، كما انها نافذة بقوة القانون ، وينبغي ان تحرر هذه التصرفات وفقا للشكليات الرسمية المطلوبة ) ويقول المرسوم : في المادة الثانية : (( ان التصرفات التي يجب توثيقها هي :
بيوع العقارات موضوع تنازل نهائي .والتصريح الجبائي المتعلق بالبيع و بيع الاصل التجاري و بيع البواخر والطائرات ، و بيع السيارات و رهن العقارات ، ورهن المنقولات ، ورهن الحيازة لضمان راس المال وتخصيص عقار للرهن ـ و تاجير البواخر والطائرات و تاجير المواشي والتاجير مع وعد بالبيع وتاجير الصناعة وتاجير المحاجر و تاجير العقارات و تاجير حكر حكمي وإجارة الاعتماد وجدول تسجيل رهن اتفاقي وتسجيل رهن قانوني .و تسجيل رهن علي اصل تجاري . و افادة الملكية واعلان بالمطابقة.وجميع التصرفات المتعلقة بتاسيس الشركات او عمليات دمجها او انفصامها او تحويلها او اخذ مساهمة فيها .ايداع وثائق عرفية مع التعريف بالخط والامضاء . ايداع وثائق من اجل الاشهار العقاري
حل الشركات ، و تبادل العقارات ، و تسيير الاصول التجارية ، رفع اليد عن الرهن الرسمي
الوكالة العامة او الخاصة. والكفالة وبيع الدين والوصية )) .
لقد القي النص القانوني في المادة 116مكررة من المدونة التجارية كل العبء القانوني علي المحامي في تحرير العقود قبل توثيقها والزم تحت طائلة البطلان بتحرير كل التصرفات التي توثقها مكاتب التوثيق من طرف محام ، و مهنة المحاماة الموئل والملاذ لها في اثبات كل التصرفات هو عمل التوثيق فمن واجب المحامين كما من واجب الموثقين الاخلاقي والعملي الحرص علي ان يستدام قانونيا وعمليا صحة تلك الوثائق شكلا ومضمونا ، ومن نشر القانون بتاريخ 30 نفمبر 2015 فان كل العقود اذا لم تكن محررة من محام فانها باطلة وهو امر له مابعده ، وقد نص قانون المرافعات المدنية والتجارية والادارية في المادة12 علي ( ان الاجراءات يصرح ببطلانهاـ وجوبا من طرق القاضي ـ في الحالات التالية: 1 ـ اذا نص القانون علي بطلانها ، 2 ـ اذا تم خرق جوهري يهم النظام العام ، يثير القاضي من تلقاء نفسه البطلان الذي يهم النظام العام )، كما نصت المادة 319 من قانون الالتزامات والعقود ، علي ان ( الالتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن ان ينتج اي اثر ) الي ان تقول ( ويكون الالتزام باطلا بقوة القانون 1 ـ اذا كان ينقصه احد الاركان اللا زمة لقيامه ، 2ـ اذا قرر القانون في حالة خاصة بطلانه ) ، وتقرير القانون البطلان الخاص هو ماينطبق علي اي عقد لم يحرره محام قبل ان يتم توثيقه .
ـ ان عدم تطبيق القانوني وارادة تجاهله و ترك العمل به ، والتاويل لذلك بخصوصية عمل التوثيق وان له قانون خاص يقيد في احكامه القانون التجاري ، هو عصيان قانوني يساوي في خطورته وهدمه لاركان الدولة العصيان المدني ان لم يكن المسلح ، ان القانون هو اسمي تعبير عن الارادة للامة كما نصت علي ذلك المادة الرابعة من الدستور الموريتاني بقولها ان: ( القانون هو التعبير الاعلي عن ارادة الشعب ويجب ان يخضع له الجميع) . وتجاهل نص قانوني بمثل دقة وخصوصية المادة 116 مكررة يجعل مايقدمه التوثيق للمتعامل معه علي امتداد اديم هذ الوطن باطل ، فالتغاضي عن تطبيق النص اخلال بالمسؤولية الاخلاقية والقانونية في حق المواطنين الموريتانيين والاجانب المتعاملين بالتوثيق وخرق لسلطة الدولة التي منحت امتياز التوثيق للموثقين مع ما يترتب عليه من الطابع الرسمي الذي يجعل للتصرفات الموثقة قوة القانون والنفاذية امام القضاء .
ذ/زايد المسلمين بن ماء العينين